رسالة القديس يعقوب
الفصل الثالث
- 1- يا إِخْوَتِي، لا يَكُنْ في إِيْمَانِكُم بِرَبِّنَا يَسُوعَ الـمَسِيح، رَبِّ الـمَجْد، مُحابَاةٌ لِلوُجُوه.
- 2- فَإِنْ دَخَلَ مَجْمَعَكُم رَجُلٌ في إِصْبَعِهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَب، وعَلَيهِ ثِيَابٌ فَاخِرَة، ثُمَّ دَخَلَ فَقِيرٌ علَيهِ ثِيابٌ رَثَّة،
- 3- فَالْتَفَتُّم إِلى لابِسِ الثِّيَابِ الفَاخِرَةِ وقُلْتُم لَهُ: "إِجْلِس أَنْتَ هُنَا في صَدْرِ الـمَكَان"، وقُلْتُم لِلفَقِير:" قِفْ أَنْتَ هُنَاك"، أَو :"إِجْلِسْ عِندَ مَوطِئِ قَدَمَيَّ"،
- 4- أَفَلا تَكُونُونَ قَد مَيَّزْتُم في أَنْفُسِكُم، وصِرْتُم قُضَاةً ذَوِي أَفْكارٍ شِرِّيرَة؟
- 5- إِسْمَعُوا، يا إِخْوتِي الأَحِبَّاء: أَمَا اخْتَارَ اللهُ الفُقَراءَ في نَظَرِ العَالَم لِيَجْعَلَهُم أَغْنِياءَ بالإِيْمَان، ووَارِثِينَ لِلمَلَكُوتِ الَّذي وَعَدَ بِهِ الَّذِينَ يُحِبُّونَهُ؟
- 6- وأَنتُمُ احْتَقَرْتُمُ الفَقِير! أَلَيْسَ الأَغْنِيَاءُ هُمُ الَّذِينَ يَقْهَرُونَكُم، وهُمُ الَّذِينَ يَجُرُّونَكُم إِلى الـمَحَاكِم؟
- 7- أَلَيْسُوا هُمُ الَّذِينَ يُجَدِّفُونَ على الاسْمِ الـحَسَنِ الَّذي دُعِيَ عَلَيْكُم؟
- 8- فَإِنْ كُنْتُم تُتِمُّونَ الشَّرِيعَةَ الـمُلُوكِيَّةَ الَّتي نَصَّ عَلَيْهَا الكِتاب، وهِيَ: "أَحْبِبْ قَرِيبَكَ حُبَّكَ لِنَفْسِكَ"، فَحَسَنًا تَفْعَلُون.
- 9- ولـكِنْ إنْ كُنْتُم تُحابُونَ الوُجُوه، فإِنَّكُم تَرْتَكِبُونَ خَطِيئَة، والشَّرِيعَةُ تُوَبِّخُكُم بِاعْتِبَارِكُم مُخَالِفِين.
- 10- فَمَن حَفِظَ الشَّرِيعَةَ كُلَّهَا، وزَلَّ بِوَصِيَّةٍ وَاحِدَةٍ مِنْها، صارَ مُذنِبًا في الوَصَايَا كُلِّهَا.
- 11- فالَّذي قَال: "لا تَزْنِ"، قالَ أَيْضًا: "لا تَقْتُلْ". فَإِنْ كُنْتَ لا تَزْنِي، ولـكِنَّكَ تَقْتُل، فَقَد صِرْتَ مُخَالِفًا لِلشَّرِيعَة.
- 12- هـكَذا تَكَلَّمُوا، وهـكَذَا اعْمَلُوا، كأُنَاسٍ سَيُدَانُونَ بِشَرِيعةِ الـحُرِّيَّة؛
- 13- لأَنَّ الدَّينُونَةَ لا تَرْحَمُ مَنْ لا يَرْحَم. والرَّحْمَةُ تَغْلِبُ الدَّينُونَة.
- 14- مَا النَّفْعُ، يا إِخْوتِي، إِنْ قَالَ أَحَدٌ إِنَّ لَهُ إِيْمَانًا ولا أَعْمَالَ لَهُ؟ أَلَعَلَّ الإِيْمَانَ يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهُ؟
- 15- إِذَا كانَ أَخٌ أَو أُخْتٌ عُرْيَانَيْن، يُعْوِزُهُمَا القُوتُ اليَّومِيّ،
- 16- ووَاحِدٌ مْنكُم قَالَ لَهُمَا: "إِذْهَبَا بِسَلام، واسْتَدْفِئَا واشْبَعَا"، وأَنْتُم لَمْ تُعْطُوهُمَا حَاجَاتِ الـجَسَد، فَأَيُّ نَفْعٍ في ذـلِكَ؟
- 17- كذلِكَ الإِيْمَانُ أَيْضًا، إِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بالأَعْمَال، فهوَ مَيْتٌ في ذَاتِهِ.
- 18- ورُبَّ قَائِلٍ يَقُول: "أَنْـتَ لَكَ الإِيْمَان، وأَنا ليَ الأَعْمَال"، فأَقُولُ لَهُ: أَرِنِي إِيْمانَكَ بِدُونِ الأَعْمَال، وأَنَا أُرِيكَ بِالأَعْمَالِ إِيْمَانِي.
- 19- أَتُؤمِنُ أَنْتَ أَنَّ اللهَ وَاحِد؟ حَسَنًا تَفْعَل! والشَّياطِينُ أَيْضًا تُؤْمِنُ وتَرتَعِد!
- 20- أَتُرِيدُ أَنْ تَعْرِف، أَيُّهَا الإِنْسَانُ البَاطِلُ الرَّأْي، أَنَّ الإِيْمَانَ بِدُونِ الأَعْمالِ عَقِيم؟
- 21- أَمَا تَبَرَّرَ إِبْرَاهِيمُ أَبُونَا بِالأَعْمَال، لَمَّا قَرَّبَ إِسْحـقَ ابْنَهُ على الـمَذْبَح؟
- 22- فأَنْتَ تَرَى أَنَّ الإِيْمَانَ كانَ يُعَاوِنُ أَعْمَالَهُ، وبِالأَعْمَالِ صَار إِيْمَانُهُ كامِلاً.
- 23- فتَمَّ الكِتَابُ القائِل: "آمَنَ إِبْرَاهِيمُ بِالله، فَحُسِبَ لَهُ ذـلِكَ بِرًّا"، ودُعِيَ خَلِيلَ الله.
- 24- تَرَوْنَ إِذًا أَنَّ الإِنْسَانَ يَتَبَرَّرُ بِالأَعْمَالِ لا بِالإِيْمَانِ وَحْدَهُ.
- 25- كذلِكَ رَاحَابُ البَغِيّ: أَمَا تَبَرَّرَتْ بِالأَعْمَال، لأَنَّهَا اسْتَضَافَتِ الرَّجُلَينِ الـمُرسَلَيْن، وصَرَفَتْهُمَا بِطَرِيقٍ آخَر؟
- 26- فَكَما أَنَّ الـجَسَدَ بِدُونِ الرُّوحِ مَيْت، كَذـلِكَ الإِيْمَانُ بِدُونِ الأَعْمَالِ مَيْت.